إننا نقصد به التباين فى الأنواع النباتية والحيوانية ،وما يرتبط به من تنوع فى الصفات الوراثية ،وفى تجمعات الكائنات الحية .وعلى ذلك، فإن معنى التنوع الأحيائى أبعد بكثير من مجرد أعداد النباتات والحيوانات ،فهو يتعدى ذلك ليكون بمثابة الدعامة للحياة البشرية ورفاهيتها .
إن مفهوم التنوع الأحيائى لهو من أتساع بحيث يعكس الأواصر والوشائج بين كل من الجينات ،والأنواع ،والأنظمة البيئية ؛وعلينا – نحن البشر – أن نحرص على مراعاة هذة العلاقة بين المستويات الثلاثة من التنوع الأحيائى فى أسلوبنا لتسيير أمور عالمنا ،سواء كان مطلبنا متمثلا فى منتجات الحياة البرية ،أو خدمات وتسهيلات تقدمها لنا الأنظمة البيئية ،أو كان المستهدف هو مجرد الحماية المجردة من الغرض ،لصالح الأجيال القادمة .
إن معنى التنوع الأحيائى يظهر جليا فى مستوى التنوع بين الكائنات الحية ،على نحو خاص .أن هذا التنوع هو مصدر طعامنا ؛ كما أن كثيراً من المركبات الدوائية المتداولة فى العالم مستخلصة من الأنواع النباتية ؛ومن هذا التنوع ،أيضا ،نحصل على ما نرتديه من ملابس ،وعلى الأكسجين الذى تطلقة الأشجار فى الهواء لنتنفسه ؛وغير ذلك من منافع عديدة.
فإذا إنتقلنا إلى مستوى الجينات ،وجدنا أن التنوع فيها هو الذى يقوى النظام البيئى ؛ولقد أدرك الإنسان – على مدى الاف السنين – أهمية الصفات الوراثية الجينات ،فى تهيئة النباتات ،لتنمو على نحو يتزايد معه إنتاجها ؛ كما عرف أسلوب تهجين الحيوانات الأليفة والداجنة ،لإنتاج أفراد منها متمتعة بحالة صحية تجعلها وفرة من اللحم ،لصالح استهلاك البشر،وقد أدت السياسات الرشيدة فى تهجين محاصيل الغلال إلى تعظيم قيمة الإنتاج.
وفى المستوى الأخير ،تقدم لنا الأنظمة البيئية الموائل الطبيعية المتعددة ،التى توفر فرص الازدهار والتنوع للكائنات الحية ؛فعلى سبيل المثال ،فإن النباتات التى تعيش فى النظام البيئى للأراضى الرطبة الساحلية ،هى الوسط المناسب الذى تضع فيه الأسماك والقشريات بيضها .كذلك فإن الأنظمة البيئية للغابات هى التى تعمل على تنظيم تدفق مياه الأمطار إلى أحواض الأنهار ،فتحول دون حدوث الفيضانات ؛وقد يكون تأثير أنظمة هذة الغابات كونيا ،كما هو حال بالنسبة لغابات الأمازون المطيرة ،التى تؤثر في المناخ العالمى ؛ كما أن للمسطحات الخضراء المحدودة تأثيراتها المناخية فى النطاق المحلى ؛ولا تكاد قائمة منافع التنوع الأحيائى ،فى مستوياته المختلفة ،تنتهي .
*مريم القحطاني